يواجه عبد اللطيف المكي، وزير الصحة العمومية، عدة ملفات وذلك بالنظر إلى ما يعانيه القطاع من عوائق هيكلية والى ما يمثله الحق في العلاج من أولوية بالنسبة للمواطن «الحقيقة» التقت وزير الصحة فكان الحوار التالي:
ما هي أهم الملفات التي ستهتمون بها؟
تتمثل أهم الملفات بكل تأكيد في تكريس فكرة الاصلاح الشامل للقطاع والنظر لقطاع الصحة على اعتبار ما يشكوه من ثغرات منها ما هو ناتج عن سياسات النظام السابق ومنها ما هو مرتبط بالضغوط التي يعرفها هذا القطاع في كل بلدان العالم مثل ارتفاع كلفة العلاج بسبب تطور وتعدد تقنيات وطرق العلاج ومنها كيفية تمويل الخدمة الصحية لصالح الفئات الضعيفة حتى لا تؤثر في الموازنات المالية للمواقف العمومية ولا تهدد استمراريتها وغير ذلك من الأسباب وأما الملفات المستعجلة فهي عديدة وكثيرة ومنها مسألة تدارك النقص في التجهيزات ورفع مستوى الخدمة الصحية في الجهات الداخلية وتحسين آداء أقسام الاستعجالي وبعث ديناميكية وروح جديدة بين كل المتدخلين في القطاع الصحي من ناحية وبين هؤلاء والمواطنين من ناحية أخرى كما أنه يتعين تحيين جملة من المقاييس والقوانين التي تسمح بادخال تعديلات هامة في الخارطة الصحية لصالح المناطق المحرومة وغيرها من الملفات المستعجلة..
لو تسمحون، نتطرق بمزيد التفاصيل إلى هذه الملفات وكيف ستتعاملون مع نقائص الاستعجالي؟
يعاني الاستعجالي في تونس من تضخم عدد الوافدين عليه إذ يبلغ مجموعهم أربعة ملايين ونصف مليون وافد سنويا وهذا يتسبب في ضغط قوي بمجرد القيام بفرز حقيقي بين الحالات الاستعجالية سيزول وبين ما هو من اختصاص العيادات الخارجية وذلك بتخصيص طبيب في الاستقبال يتولّى عملية الفرز والتوجيه.. ولابد من ناحية أخرى من دعم أقسام الاستعجالي واعادة تنظيمها وتطوير العلاقة بينها وبين المستشفى الذي تتبعه وتحيين الاستقبال وهذه كلها عناصر تساعد على تطوير أداء أقسام استعجالي..
ما هو تصوركم لاعادة النظر في الخارطة الصحية؟
ما هو متأكد وواضح هو أن الخارطة الصحية تعاني اختلالا كبيرا يعود بالأساس إلى اختلال العملية التنموية بكاملها في تونس مما يحتم تأهيل القطاع الصحي في الجهات الداخلية وخاصة المستشفيات الجهوية حتى تصبح الملاذ الآمن صحيا لكل سكان الجهة وقد بدأنا في معاينة هذه المستشفيات واحدا واحدا وقمنا لحد الآن بخمس زيارات وذلك من أجل تشخيص أوضاعها وتقدير ما يلزمها لأن المستشفيات الجهوية تشكو حاليا من نقص طب الاختصاص والتجهيزات وتقادم أسطول النقل الطبي وحتى في اختلال التنظيم..
وسيكون التوجه في اصلاح الخلل حسب الحالة ومتمثلا في اعادة تأهيل المستشفيات الموجودة اذا كان ذلك ممكنا واعادة بناء مستشفى جديد وهو ما وقع اقراره مبدئيا بالنسبة لكل من باجة وقفصة وقد تقودنا زياراتنا الى بقية المدن لاقرار انشاء مستشفيات جهوية جديدة أخرى.. ووضعية المستشفيات الجهوية الحالية تجعل نسبة توجيه وارسال المرضى الى المدن الكبرى كبيرة وهذا ينعكس سلبيا علـى صحة المواطن وأيضا على التجهيزات خاصة وأنه لابد من تجديد اسطول النقل الطبي لأن معدل اعمار سيارات الاسعاف حاليا هو 14 عاما وهو معدل مرتفع.. وهذا يعني أن مراجعة الخارطة الصحية تمثل أولوية حتى نضمن التوازن بين كل الجهات ويتمكن المواطن من الحصول على الخدمة الصحية المناسبة دون انتظار ولا تنقلات كبيرة..
ولكن سيدي الوزير، معضلة الانتظار أصبحت غير مقبولة خاصة حين يتعلق الأمر بأمراض تستدعي سرعة التدخل الطبي، فما هي برامج الوزارة للتقليص من حدة الانتظار؟..
الانتظار ظاهرة واضحة سواء بالنسبة للتدخلات الجراحية أو التشخيصية وهذا ناتج عن الاكتظاظ وعلى المنظومة الصحية العمومية التي لم تتم بالنسبة الكافية لاستيعاب طلبات الخدمة الصحية وكذلك بسبب النقص الكامل في المناطق الداخلية مما يحتم بعث مؤسسات صحية جديدة وأقسام اختصاص في المؤسسات الموجودة ورصد امكانيات بشرية ومادية كذلك على حسن توظيف ما هو موجود وهذا يتطلب شيئا من الوقت وحتى يتمّ تعديل الأمور في ظلّ اختلال واضح وكمثال على ذلك فإنّ نسبة امتلاء سرير في مستشفى شارل نيكول هي ثلاث مرات نسبة امتلاء مستشفى داخلي.. وما نشكو منه حاليا هو نقص في الكفاءات البشرية وسنعلن قريبا عن مناظرة لانتداب مئات من أطباء الاختصاص ولابد من جرأة سياسية ومن حوار معمق لاعادة النظر في المنظومة الصحية حتى توجد الدولة المنظومة القانونية الكافية للايفاء بالتزاماتها..
سيدي الوزير، من المشاكل التي يشكو منها الناس مسألة تصفية الدم الناتج عن أمراض الكلى، فما هو تصوركم لهذا القطاع؟
فتحنا ورشات عمل في الملفات المستعجلة مثل تصفية الدم الذي يعاني مشاكل حسب كل الأطراف المتدخلة وقمنا بجولة من المشاورات وتشكلت لجنة خبراء من أساتذة الطب ستقترح علينا حلولا في القريب وما قمنا به لتصفية الدم قمنا به في عدة مسائل وما أستطيع التأكيد عليه هو أننا منكبون على دراسة كل الملفات الشائكة وسنعلن قريبا عن عدة اجراءآت..
هذا يدفعنا للسؤال عن مسألة علاج السرطان فما هي نظرة الوزارة؟
لابد من التأكيد على أن الحاجة إلى دعم امكانياتنا في مجال الوقاية واكتشاف السرطان تمثل مسألة حتمية لأنّ ما هو موجود الآن لا يفي بالحاجة ويدل على ذلك طول مواعيد الانتظار والاكتظاظ ونحن الآن بصدد التفكير في بعث مؤسسة مرجعية ثانية بالنسبة لهذه الأمراض فضلا عن دعم الاقسام الموجودة بالداخل بكل من سوسة وصفاقس وسيشرع قريبا قسم مختص في الأمراض السرطانية في مستشفى فرحات حشاد بسوسة في العمل..
سؤال أخير، لو تسمحون، يرتبط بمعرض الخدمات الصحية الذي انتظم مؤخرا وهو: ماذا في ما يتعلق بتصدير الخدمات الصحية؟
في ما يتعلق بتصدير الخدمات الصحية لنا تجربة تستحق الدعم والتطوير في محيطنا القريب ويكون ذلك أمّا عبر السياحة الصحية في تونس وهذا موجود ولابد من دعمه أو عبر انشاء المؤسسات الصحية والخبرات الصحية التونسية في بلدان أخرى وهذا مازال في بداياته ولابد من المراهنة عليه وفي هذا الاطار يندرج انعقاد المعرض الصحي الدولي الذي أشرتم إليه والذي حقق أهدافه ولدينا حاليا توجه لابرام اتفاقيات اطارية مع بلدان افريقية..
سامي
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire